روائع مختارة | قطوف إيمانية | أخلاق وآداب | الإنتقاص منهن تسبب في خروجهن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > أخلاق وآداب > الإنتقاص منهن تسبب في خروجهن


  الإنتقاص منهن تسبب في خروجهن
     عدد مرات المشاهدة: 3702        عدد مرات الإرسال: 0

الحاجة إلى التقدير الإجتماعي، والشعور بقيمة الذات، عنوان كبير مُهمٌّ في كتب علم النفس، فما هي هذه الحاجة؟

هي حاجة الإنسان لأن يكون موضعَ قبول وتقدير وإعتبار وإحترام من الآخَرين، وإلى أن تكون له مكانة إجتماعية، وأن يكون بمنأى عن إستهجان المجتمع أو نَبذِه، وهي حاجة يُرضيها شعور الفرد بأن له قيمةً إجتماعيةً، وأن وجوده وجهوده لازمانِ للآخرين، كما أنها تبدو أيضًا في حب الإنسان للثناء وشوقه إلى الظهور، وقيل أيضًا عن هذه الحاجة: هي رغبة الإنسان في أن يكون شيئًا مذكورًا، والحاجةُ إلى تقدير الذات هي مِن أقوى الحاجات السيكولوجية، وهي موجودة في أساس كل سلوك بَشريٍّ.

وهذه الحاجة الضرورية موجودة في كيان المرأة كما هي في سواها، والمرأة بحاجة ملحَّة إلى إشباع هذه الحاجة كما هي بحاجة إلى الطعام والشراب تمامًا، لكن هذه الحاجة لم تُشبَع أبدًا عند النساء طوال السنين الماضية، بل تلقَّت المرأة المسلمة -على مرِّ القرون- إهانات عديدة، وبصورة جارحة مهينة من أشقائها مِن الرجال المسلمين لا من غيرهم، فسَخِروا منها، وإستهزؤوا بقدراتها، وقلَّلوا من شأنها، وإستهانوا برأيها، وإستخفُّوا بعقلها، وظلموها وأهانوها، ولم يعاملوها كما أمرهم الإسلام.

وجاءنا أخيرًا التقرير الغربي ليُعلِن أن المرأة المسلمة طاقة معطَّلة، جالسة في البيت لا تصنَع شيئًا، ولا تقدِّم عملاً! وكان أن تألمت المرأة من الإهانات المتوالية، ثم تأثَّرت بهذه الأفكار الغربية البرَّاقة، فأعادت حساباتها، ودرست أوضاعها، ثم قرَّرت أن تُغيِّر مسارها، وتعدِّل سلوكها، وتُصبح إنسانة محترمة قديرة، ذات مهنة نافعة، فقرَّرت أن تكون رجلاً!

نعم، لقد قرّرت المرأة أن تتحوَّل إلى رجل بشخصيتها وسلوكها! فبحثت عن مواطن الإختلاف بينها وبين الرجل، وتتبَّعت الأسباب التي أدت إلى علوِّه عليها، والتي دعته -بالتالي- إلى الإنتقاص منها، وكانت العلَّة في أمرَين:

(1) الكسب، أي العمل خارج البيت.

(2) والمناصب العالية التي يتقلَّدها.

وخرجت المرأة بعدها من البيت لتُصارع الرجل على هذَين الأمرين بالذات لا على غيرهما، علَّها تَغلبه فتحتلَّ مكانه، وتُثبت له أنها ليست أقل منه، فتنال إحترامه وتقديره هو بهذا، وتُشبِع حاجتها هي إلى التقدير والإحترام.

لا تعجبوا، فلكل إنسان مثل أعلى يسعى إليه، وما دامت المرأة هي الأقل وهي الأنقَصُ والرجل هو الأفضل والأحسن، فقد جعلته مثلاً أعلى لها، وصارت تسعى وتَجتهد للإقتراب من هذا المثل، وكلما نجحَت إزدادت عزمًا وتصميمًا على المضيِّ قدمًا في إحتلال مكان الرجل، ولو أخرجها هذا عن أنوثتها، ولو تسبَّب هذا في بطالة الرجل وقعوده عن العمل، فهدفها هو الدفاع عن حقوقها والثأر لإنسانيتها، والغايةُ تبرِّر الوسيلة!

آلَمَني هذا الواقع، وأحزنني وضع المرأة، فالإنتقاص الدائم منها، والمقارنة الدائمة بينها وبين الرجل أوهماها بأن التساوي التامَّ بينهما هو الأصل لا التكامل، وأدَّيا إلى إصابتها بما يُسمَّى عقدة نقْصٍ، وعقدة النقص كما عرَّفها علماء النفس هي: شعور الإنسان أن به نقصًا جسميًّا أو عقليًّا أو إجتماعيًّا أو إقتصاديًّا، حقيقيًّا كان هذا النقص أو مُتوهَّمًا، فليس مِن الضروري أن يكون بالفرد نقْص كي يسيطر عليه هذا الشعور، فكثير من الناس يشعرون بالنقص حين يَقرنون أنفسهم بغيرِهم من المُمتازين والمتفوِّقين في نواحي الحياة المُختلفة، وهو شعور طبيعي غير شاذٍّ، بل قد يكون دافعًا يُحفِّز الناس على إصلاح ما لدَيهم من عيوب، وعلى التقدم والإرتقاء، أي: إنه قد يبعث على التعويض الموفَّق الناجح.

إذًا، حاجة المرأة إلى التقدير والإحترام حاجة طبيعية وضرورية كما قال العلماء، وشُعورها بالنقص ليس سيئًا، لأن فيه حفزًا لها على التقدم والنجاح، وهذا أمر محبَّذ ومشكور، لكن المرأة ضلَّت الطريق في غمرة إنفعالها وإندفاعها، وتاهت في زحمة آمالها وأحلامها، واشتطت في دفاعها عن نفسها، فظنَّت أنه لا سبيل إلى الإحترام والتقدير إلا بالخروج من البيت وبالقيام بأعمال الرجال، بينما إثبات الذات وتعويض الشعور بالنقص والوصول إلى إحترام الآخرين وتقديرهم هو أقرب من ذلك، فهو يتمُّ بأي نجاح، ويتحقَّق بالتميز على الأقران، والمرأة تثبت ذاتها وتَفرِض إحترامها على مَن حولها عندما تنجَح، وتتميز المرأة عن سواها بما تقدّمه مِن فائدة، وبما تتركه من أثر.

فتحلَّلي يا أختي مِن عقدة النقص هذه، ولا تَندفعي إلى أعمال الرجال، ولا تكوني السبب في قعود أحدهم عن العمل، بل إستخدمي طاقتك وإمكاناتك وأَظهِري قدراتك في مجالك أولاً، وفي الأعمال المناسبة لك، وعندما تنجَحين وتتفوقين وتُغطِّين كافة المجالات التي تَصلُح لك، فكِّري في المجالات الأخرى، فنحن مثلاً بحاجة حقيقية لدار إسلامية للأزياء، فلماذا لا تتخصَّص مجموعة من النساء بالعمل في هذا المجال، فتُصمِّمن العباءات الساترة للكبيرات، والملابس المُحتشمة الأنيقة للفتيات أول عهدهنَّ بالحجاب؟

وقد سمعت وقرأت عن سيدات يعملْنَ وهنَّ في بيوتهنَّ ويُبدِعن في مجالاتهن، وهن راضيات وسعيدات، وقد حقَّقن أرباحًا جيدة، وحصلْنَ على سمعة طيبة، وصرن يُقصَدن لذاتهنَّ ولإخلاصهن في عملهن وإتقانهن له.

ولو فكرتِ جيدًا مثلهنَّ لوجدتِ عملاً يُناسبك ويُظهِر قدراتك، وإبداعك، وتميُّزك، ويُريحك من عقدة النقص هذه، فكفِّي عن عقد المقارنات العقيمة، وإشغلي نفسك بأي شيء فيه الخير والمصلحة، ولا تحقِرِنَّ عملاً نافعًا مهما كان بسيطًا.

الكاتب: عابدة العظم.

المصدر: موقع منبر الداعيات.